يعرَّف النحو الوظيفي بأنه: " النحو الذي لا يقتصر على الدور الذي تؤديه الكلمات أو العبارات في الجملة، أي الوظائف (التركيبية والنحوية) كالفاعل والمفعول، لأن هذه الوظائف لا تمثل إلا جزءاً من كل، وتتفاعل مع وظائف أخرى (مقامية أو تبليغية) هي الوظائف

الدلالية والتداولية، ومن خلالها تترابط الخصائص البنيوية للعبارات اللغوية، بالأغراض التبليغية التواصلية التي تستعمل هذه العبارات وسيلة لبلوغها"

تتناول هذه الدراسة التحليلية العلاقة بين البعدين الدلالي والتركيبي للأفعال في إطار النحو الوظيفي، الذي يمثل أحد الاتجاهات اللغوية الحديثة المعنية بربط الشكل النحوي بالوظيفة التواصلية والمعنى السياقي، إذ تنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن الأفعال، بما تحمله من أدوار دلالية مركزية في بناء الجملة، تُظهر تداخلاً معقداً مع التراكيب النحوية، مما يجعلها نقطة التقاء بين المعنى والتركيب.

تهدف الدراسة إلى تقديم رؤية متكاملة لفهم كيفية تشكل الأفعال في اللغة العربية، من خلال تحليل أدوارها الدلالية وتأثيرها في التنظيم التركيبي للجملة. إذ تُبرز الدراسة كيف تتأثر الأفعال بعناصر مثل الزمن، والفاعل، والمفعول، والمحددات السياقية الأخرى، مما يوجد بنية لغوية تضمن تحقيق المقصد التواصلي للمتحدث. ويركز البحث على كشف الأنماط الدلالية للأفعال (مثل التعدي واللزوم) وكيفية انعكاسها على البنية التركيبية للجملة، مع توضيح العلاقة التفاعلية بين العناصر النحوية المحيطة بالفعل.

قدمت الدراسة أنموذجاً تحليلياً شاملاً يجمع بين الأبعاد الدلالية والتركيبية للأفعال في إطار واحد، وأوضحت كيف تسهم هذه العلاقة في بناء جمل تحقق توازناً بين البنية النحوية والمعنى الوظيفي، مع التركيز على التغيرات التي تطرأ على البنية الجملية نتيجة للوظائف الدلالية التي يؤديها الفعل في سياقات مختلفة.